الشاعر الأردني د. محمد مقدادي: أكتب لأتنفس</TD></TR>[tr][td] |
مقدادي: الثقافة هي السبيل للتصدي للهجمة الاستعمارية الشرسة |
محمد مقدادي شاعر من الأردن الشقيق أبصر النور في بيت إيدس بمحافظة إربد عام اثنين وخمسين وتسعمائة وألف كان محبا للشعر منذ صغره حيث استهوته دواوين شعراء الجاهلية وشعراء صدر الإسلام كما أحب شعراء الحداثة وتأثر بشعر المقاومة فهو شاعر أكاديمي حيث درس الاقتصاد ودرس الزراعة وتحصل شهادتي الماجستير والدكتوراة من أمريكا، نشر قصائده الشعرية في العديد من الصحف والمجلات الأردنية والعربية من مؤلفاته: أوجاع في منتجع الهم: ديوان شعر 1984، أحلام القنديل الأزرق: ديوان شعر. 1984، الانفجار: مسرحية. 1985، حالات خاصة من دفتر العشق: ديوان شعر. 1988، الإبحار في الزمن الصعب : ديوان شعر. 1989، حقول الليلك: ديوان شعر. وزارة الثقافة - عمان. 1995، ذاكرة النهر، العولمة.. رقاب كثيرة وسيف واحد: المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 2000، أميركا وهيكلة الموت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 2004، على وشك الحكمة: ديوان شعر. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 2005، كما طقوس الغياب: ديوان شعر. دار اليازوري للنشر. 2006 وغيرها، كما شارك في العديد من المهرجانات الشعرية العربية منها: مهرجان جرش، ومهرجان المربد، مهرجان عرار، الأسبوع الثقافي الأردني في مهرجان إربد، مهرجان مجمع النقابات المهنية في عمان ، كما شارك في مهرجان الفاتح للشعر العربي الذي أقيم في نهاية العام المضي بمدينة بنغازي حيث التقيناه ودار بيننا هذا الحوار ...
* ما هو انطباعكم عن زيارة الجماهيرية؟
- أنا سعيد جدا بوجودي في الجماهيرية وأهنئ الجماهيرية قيادة حكيمة وشعبا عظيما بمناسبة أعياد الفاتح من سبتمبر متمنيا لهذه الثورة الدوام وللجماهيرية مزيدا من التقدم والازدهار. لحسن حظي أن هذه الزيارة لم تكن الأولى للجماهيرية فقد سبق لي من قبل أن زرتها خمس مرات، ولقد حضيت بلقاء بعض القيادات على المستوى السياسي والثقافي أيضا في هذا البلد الشقيق، الذي نكن له كل المحبة والاحترام ويرى فيه المثقفون أملا عظيما لقيادة فجرا جديدا لهذه الأمة لاسيما أننا نعبر المراحل الصعبة بمواجهة أعداء الأمة على المستوى الحضاري والإنساني، وبالتالي أنا أرى في ليبيا ما تبقى من الكحل في العين العربية وأرى فيها جمرة تتقد كل يوم من أجل أن توقظ الأمة العربية وتعمق الوعي العربي بضرورة مواجهة الواقع بجهود طيبة وبنوايا حسنة ومتسلحين بالمعرفة والحكمة من اجل أن تعود الأمة إلى سابق عهدها كريمة وحرة ومهابة.
* كيف هي بداية الشاعر محمد مقدادي؟
- كما يقول المثل كل إنسان بحق نفسه ضعيف، أنا على أية حال ولدت لعائلة فلاحية في إحدى القرى لمحافظة إربد شمال المملكة الأردنية الهاشمية وكانت بدايتي حقيق ، بداية الشقاوة أو التشاقي على مستوى القصيدة الشعرية فالبداية كانت مبكرة في المرحلة الابتدائية، وتكرست في المرحلة الثانوية فيما بعد، تتلمذت على يد أجدادنا الأوائل من الشعراء الجاهليين ثم شعراء عصر الإسلام والشعراء العباسيين، وفي مرحلة متأخرة اطلعت على تجربة المقاومة الفلسطينية لمحمود درويش وسميح قاسم وغيرهما، وتجربة نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وبدر شاكر السياب باعتبارهم رواد القصيدة الحديثة، وايضا صلاح عبد الصبور من مصر الشقيقة، وايضا تجربة أمل دنقل كانت ماثلة في ذهني. ولابد أن اذكر أنني متخصص في الهندسة الزراعية في مرحلة البكالريوس ومتخصص في الاقتصاد الدولي في مرحلة الدكتوراة وأدرس الآن مادة الاقتصاد الدولي والعلوم السياسية في إحدى الجامعات الأمريكية وأدير قسم شؤون الطلاب العرب المقيمين بهذه الجامعة، أصدرت حتى الآن أربعة عشرة مجموعة شعرية ما بين دمشق وبيروت وأصدرت كتبا في مجال الفكر أعتز بها كثيرا، منها كتاب "العولمة: رقاب كثيرة وسيف واحد"، وأيضا كتاب "أمريكا وهيكلة الموت"، وهناك مخطوط ثالث سيظهر قريبا من بيروت اسمه "الويلات المتحدة الأمريكية والحكمة الغائبة"، وهناك محاولات لكتابة رواية لم تنشر بعد أسميتها "السيسبان" وهو وادي نهر الأردن وتمثل هذه الرواية مرحلة الإقطاع في العصر الملكي الأول لدى تأسيس إدارة شرق الأردن في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، وتحدثت في كثير من البرامج التلفزيونية والعديد من الفضائيات من بينها فضائية الجزيرة في برنامج الاتجاه المعاكس حول السياسات الاقتصادية والعولمة ومستقبل العالم العربي والديمقراطيات الزائفة التي تريد أن تصدرها الولايات المتحدة الأمريكية لوطننا العربي وتفرضها علينا كما تفرض النموذج الليبرالي، وأنا أشكك في هذه البرامج وهذه التوجهات لأنها في الحقيقة لا تنطلق من صميم أمتنا ولا من عقيدة ننتمي إليها أو لمبادئ تشكل بوصلة لتوجهات الأمة العربية، هناك محاولة دؤوبة للإلغاء الخصوصية الثقافية والإنسانية لأمتنا العريقة في حضارتها وفي مركزها الإنساني والتي اشتركت في الحضارات الأخرى للتأسيس ما يشهده العالم هذه الأيام، حيث كان لها لا الباع الأطول في علوم الرياضيات والطب والهندسة والصيدلة والفلك، هناك محاولات للقفز على هذه المراحل الإنسانية المهمة بدعوى صراع الحضارات وبدعوى أننا شعوب ضد التقدم وضد المدنية وأننا شعوب متخلفة لا تفهم إلا لغة الدم والإرهاب ، لكن كما ذكرت لك الثقافة والمثقفون عليهم أن يحولوا حقيقة دون الانزلاق في هذا المنزلق والوقوع في الفخ الغربي الذي ينصب لأمتنا دون رحمة أو استحياء.
* لماذا يكتب الشاعر محمد مقدادي؟
- أكتب لأتنفس، وأواصل الكتابة لكي أواصل الحياة، أرى في الكتابة تجددا لي، ترميما لكثير من الخلايا التي تتساقط وأنا على الطريق.
* أنت أقمت في تونس الشقيقة..
- نعم أقمت في تونس خمسة أعوام ونيف وتعرفت على المشهد الثقافي وربما السياسي أيضا في تونس وكان لي عمل أكاديمي بها وعمل أيضا اقتصادي فقد كنت استثمر شركة للاستيراد والتصدير ومارست مهنتي الأولى الهندسة الزراعية حيث أدخلت كثير من البرامج المتعلقة بتخصيب التربة كنت قد اطلعت عليها إبان دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة الدكتوراة وأدخلت هذه البرامج وحقيقة وفقت مع الفريق التونسي الذي قمت بتدريبه ووفقنا معا للوصول إلى مستويات إنتاجية عالمية فيما يتعلق بالمحاصيل وأتمنى أن تكون هناك سياسات زراعية في الوطن العربي لأن الأمن الغذائي العربي هو جزء من الأمن القومي ولا يمكن لأمة أن تنال استقلالها الحقيقي إلا إذا كانت مستقلة على المستوى الغذائي والمائي أيضا وبالتالي فإن الغذاء يشكل حجر الزاوية حتى في الحوار مع الأمم وبالتالي السياسات التي تتبع لمعاقبة الدول والشعوب تتعلق بتجويع هذه الأمم وحصارها اقتصاديا والحد من إمكانياتها في الاعتماد على ذاتها في تأمين الكساء والغذاء، ونعود إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لا يأكل مما يزرع ولا يلبس مما يصنع" فأمتنا العربية الآن تستورد ثمانين بالمائة من احتياجاتها الغذائية مع أن برامج التكامل العربي في المستوى الاقتصادي وتحديدا في المستوى الصناعي والزراعي تستطيع حقيقة أن تمنح ملايين الجوعى ليس فقط على مساحة الوطن العربي بل على مساحات العالم تستطيع أن تمنحهم فرصة العيش الكريم ولننظر إلى إمكانيات السودان الزراعية وامكانيات الجماهيرية أيضا وكذلك الجزائر وغيرها من الدول العربية ثم استثمارها في الإنتاج الغذاني لاكتفينا شر الجوع والفاقة والفقر كتلك التي يعاني منها أكثر من ثمانين بالمائة من شرائح المجتمع في الوطن العربي.
* ما الذي يمكن أن يفعله الأدب حيال قضايانا الراهنة؟
- أرى فيما يجري في هذا العالم من تغول للعولمة ووحشية لرأس المال ومحاولات حثيثة لنهب ثروات الأمم والشعوب المقهورة وبما في ذلك احتلال الأوطان والمثالين الشاهدين أمامنا فلسطين والعراق، ونلحق بهما المثال الثالث أفغانستان، ومحاولات وحيد القرن بأن يكون هو المتحكم الوحيد في هذا العالم، وتحويل الشعوب المقهورة إلى قطيع مستسلم لمشيئته ومذعن لإرادته، أرى بأن القلعة الأخيرة وجبهة الصمود والتصدي الأخيرة لهذه الهجمة الاستعمارية الشرسة هي الثقافة، والجنود الذين سيقفون بها هم جمهور المثقفين العرب الذين تترتب عليهم مسؤوليات قومية وإنسانية في آن واحد من أجل التصدي لهذه الهجمة وإخراج هذه الأمة من سباتها كما ذكرت في تعميق وعيها وإمكانياتها وقدراتها على المواجهة، على أن تسخر هذه الإمكانيات الذاتية من أجل معركة المصير الواحد المشترك في مختلف أقطار الوطن العربي الكبير.
* ماذا تمثل المرأة في حياة الشاعر محمد مقدادي؟
- المرأة هي نصف المجتمع على المستوى الرياضي ولكن على المستوى الإنساني أقول أنها المجتمع كله، أنا أنادي بأن نعد لبناء الأمة بناء حسنا حتى تؤدي رسالتها على الوجه الأكمل بحيث تربي أجيالا محصنة بالقيم والمبادئ والعقيدة، وهذه الأجيال التي تمتلك كل هذه الأدوات في مواجهة الصراعات العالمية.
- هل سهولة النشر أثرت سلبا في الإبداع خصوصا بعد ظهور الإنترنت؟
- كل شيء خارج عن طقوس النشر وإبداعاته ومقاييسه يسيء إلى العملية الإبداعية برمتها واعتقد أن حالة الاستسهال التي تسود الساحة الإبداعية العربية لتبرير والدخول في عالم الحداثة والعصرنة هو الذي أدى بنا أن نجد مثل هذه الحالات ماثلة سواء كانت عبر شبكة الانترنت من خلال المواقع الالكترونية، أو حتى في مسألة النشر الورقي المشكلة أن الدول العربية في معظمها عندما تراقب المطبوعات لا تراقب الجانب الإبداعي والفني وإنما تراقبها في الجوانب الأمنية فقط، وبالتالي كل شيء ردئ لا يسيء للسياسة ممكن أن ينفذ من مسام وقنوات أجهزة الرقابة الحكومية وغياب أيضا النقد العربي وغياب السلطة النقدية على النص، هذا أسهم كثيرا في غياب النص المتفوق لأن كاتب النص حينما لا يجد سلطة رسمية أو سلطة إبداعية تمارس دورها في توجيهه وفي ربط إيقاع إبداعاته فإنه يعتقد أنه قد وصل إلى قمة الإبداع وبالتالي يقدم ما يقدم على أنه خيرة الإصدارات التي يمكن أن تقرأ عبر الانترنت أو عبر أسواق الكتاب العربي.
* هل محمد مقدادي كتب القصة القصيرة؟
- هناك محاولات في كتابة القصة القصيرة لكنني لا أستطيع أن أزعم بأنني كاتب للقصة القصيرة، هناك نصوص كتبتها وهى نصوص مفتوحة ، بعض الأصدقاء صنفوها أنها تقع تحت عنوان القصة القصيرة لكنني لم أكتبها لتكون قصة قصيرة كتبتها فقط لتكون نصا فيه الشعرية التي أؤمن بأنها تشكل الإيقاع الحقيقي للعمل الإبداعي وربما فيها روح القصة القصيرة وربما فيها تلك الدراما المحببة لكن لا أستطيع بأن أقول بأنني كتبت القصة القصيرة كتبت مسرحية شعرية للأطفال وكانت تتناول القضية الفلسطينية في وقت مبكر هى للأطفال والفتيان وأسميتها الانفجار وصدرت هذه المسرحية في عمان عام ألف وتسعمائة وسبعة وثمانين وتمت مسرحتها بعد عام ومنعت بعد عرضها ثلاث مرات .
* هل كتبت الشعر الغنائي؟
- هناك محاولات لكتابة الشعر الغنائي باللهجة المحكية وأنا أحب وهذا ليس سرا الغناء الذي تتناوله السيدة فيروز ووديع الصافي ومولع تماما بالاستماع إليهما فكانت هناك لكتابة الأغنية باللهجة اللبنانية لكن هذه المحاولات معدودة لا تتجاوز العشر محاولات وهى لا زالت في أدراجي لكنني أعود إليها من حين لآخر وأغنيها أحيانا بيني وبين نفسي وكأني قد وضعت لها لحنا وأمارس هذا الطقس فقط بيني وبين نفسي .
* هل انصف كتابنا الطفل العربي؟
- الطفل العربي والرجل العربي والمرأة العربية والمجتمعات العربية تقع تحت طائلة القهر والتعسف فليس هناك ثمة من هو ظالم ومن هو مظلوم في هذه المجتمعات لكن الطفل العربي إلى هذه اللحظة حقه منقوص من العناية والرعاية على المستوى الإبداعي واعتقد أن كتاب الأطفال يحاولون أن يكتبوا بلغة الطفل فقط فأنا لم أجد الكتابة النفسية التي تتعلق بنفسية الطفل، بمعنى أن الكاتب عندما يريد أن يتحدث عن الطفل فقط يحاول أن ينزل إلى مستواه بالالتزام بلغة الطفولة الميسرة ذات الإيقاع السهل المتسارع أو السريع لكنه لا يكتب بنفسية الطفل لأن الكتابة للطفل هى من أصعب الكتابات وربما هذا يجيب على سؤالك فأنا لم اكتب للطفل فقط لأنه من الصعوبة بمكان أن نصل إلى الطفل فكرا ونفسية وليس في اللغة، بالعكس يمكن للطفل أن يفهم مفردات معقدة لاسيما في ظل هذه الفضائيات التي يراقبها الطفل على مدار الساعة فيتكون لديه مخزون من المفردات اللغوية فتتيح له استيعاب الكتابة بأعلى مما نتصور، لكن المشكلة كيف نتعامل مع الطفل من الناحية النفسية في المسألة الإبداعية وهذا باعتقادي سؤال مطروح على كل من كتب وكل من يريد أن يكتب للطفل لاسيما الناس المتخصصين في إصدار المجلات والمنشورات المتعلقة بالطفل.
* لك رأي في اتحاد كتاب الانترنت العرب...
- الاتحاد هو مؤسسة مواكبة لما يجري في العالم من ثورة اتصالات ولكن في لوائحه الداخلية أتاح لكل من هب ودب أن ينظم إلى هذا الاتحاد من غير أن توجد معايير ولا مقاييس حقيقية للإبداع وكأن الغاية كانت هي الإعلان عن هذا الاتحاد أو بأن هذا الاتحاد بأمكانه أن يجمع عشرات الآلاف من الأعضاء من مختلف أنحاء الوطن العربي إذا كان الهدف هو البحث عن الكم وليس عن النوع وهذا أضر بالمسألة وبتوجهات الاتحاد برمته، وأناشد كل المثقفين أن يحترموا كل القوانين التي تتيح للجميع تبادل رئاسة الاتحاد وأمانته العامة وتبادل المواقع فلكل مجتهد نصيب نجتهد فنصيب ونجتهد فنخطئ وعلينا أن لا نغلق باب الاجتهاد ونتيح الفرصة لتبادل المسؤوليات ونتبادل الآراء بحوار مفتوح وبحوار متكافئ يحترم الرأي الآخر إن اختلفنا معه.
* أنت امتهنت ودرست الاقتصاد والزراع ، هل أثر ذلك على إبداعك بحيث طغت لغة الأرقام واللون الأخضر على قصائدك؟
- ليست ثمة قصائد اقتصادية ولكن اللون الأخضر موجود في كثير من قصائدي فأنا استفدت كثيرا من فسيولوجيا التعامل مع النبات والكائنات الأخرى، وأنا أقول بأن قضية الثقافة هي قضية عامة فلا يمكنك أن تكون شاعرا تتحدث عن طائر النورس ولم تتعرف إليه أو تتحدث عن الكلاشنكوف ولم تضغط على الزناد وتطلق الرصاص باتجاه الهدف، فأنا مع الثقافة العامة والثقافة الشمولية وكل ما نستعمله في الحياة كشعراء وكتاب يمكن أن نسخره بسياق الكتابة الإبداعية لا ضير.
* ما هي إبداعاتك الأخيرة؟
- سوف يصدر لي كتاب "الويلات المتحدة الأمريكية والحكمة الغائبة" في بيروت وايضا ديوان عن اتحاد كتاب العرب بدمشق بعنوان "هوس القرنفل".
كيف ترى المشهد الثقافي الليبي؟
- من غير مجاملة ليبيا لها باع طويل في المنجز الإبداعي العربي ونحن نعرف أسماء كثيرة منذ زمن طويل اجتازت الحدود ووصلت هذه الأسماء بإبداعاتها إلينا وفي كل مرة أزور ليبيا ألتقي بقامات عالية في مجال الشعر وفي مجال القصة القصيرة والدراسات النقدية وهي دراسات أرى فيها الجدية والجدة ولكن دعني أقول بكل أمانة بأننا في الوطن العربي والمثير للشجون أننا لا نتعرف على الأديب في ليبيا إلا إذا أتينا إليها ولا يتعرف الأديب في ليبيا وغيره من الأقطار العربية على الأديب في الأردن إلا إذا أتوا وزاروها، والأديب غالبا ما يكون مرتبط بعمل لأن الأديب بمفرده لا يستطيع أن يتكفل بلقمة العيش والحياة الكريمة للكاتب هذا ما لا يمكنه الانتقال من دولة عربية إلى قطر آخر، هذه المسؤولية يجب أن تتحملها المؤسسات الوطنية والقومية كاتحادات الكتاب وروابط الكتاب في الوطن العربي ووزارات الثقافة والهيئات العامة للكتاب والمؤسسات العامة وحتى المؤسسات الخاصة والتي يفترض أن تنتقل من مرحلة البحث عن الربح المالي المباشر إلى مرحلة الاستثمار أيضا في الثقافة لأن بناء الثقافة والإعلام هو مسؤولية جماعية ومسؤولية رسمية ومسؤولية شعبية في آن واحد وبالتالي فإن القطاع العام والقطاع الخاص أن يتكاتفا معا من اجل الثقافة الوطنية والقومية التي تقودنا أيضا إلى أن نشارك صناعة المشترك الإنساني والمشهد الثقافي الإنساني برمته.
* هل في نظرك الإعلام العربي أثرى المشهد الثقافي؟
- أعتقد أن الفضائيات العربية لم تقدم إلا النزر اليسير في الثقافة وأن الثقافة العربية هي آخر الاهتمامات لتلك الفضائيات، والإعلام التجاري مقدم على الثقافة، والأغنية الفاضحة والمترهلة مقدمة كثيرا على الثقافة، القامات الشعرية الكبرى في الوطن العربي لا يعرفها الشاعر بمقدار ما يعرف المبتدئين في الأغنية العربية لأنهم يعرفون كيف يرقصون على الركح وكيف يسيرون أشباه عراة أمام المشاهد العربي وبالتالي أنا أيضا أقول لهذه الفضائيات عليها أن تتطلع بالمهمة وبالدور الأساسي في تعريف القطار العربية بثقافات بعضها بعضا لأن الثقافة العربية وهذا إيمان مطلق عندي أنها كل لا يتجزأ وبأن ما يصنع من الثقافة في الجماهيرية وما يصنع من الثقافة في الأردن أو في أي قطر عربي آخر ما هو إلا رافد من روافد النهر العظيم لهذه الثقافة العربية المشتركة .
* ما هو الحلم الذي يرواد الشاعر محمد مقدادي؟
- هو حلم الأمة الواحدة، حلم تحقيق الوحدة العربية وأرجو أن لا أغادر هذه الدنيا قبل أن يتحقق جزء منه على الأقل، حلم الوحدة والحرية والحياة الأفضل لهذه الأمة التي كانت خير امة أخرجت للناس وما زالت تمتلك المقومات لتكون خير أمة أخرجت للناس، نحتاج إلى نضالات طويلة وإلى إخلاص حقيقي من أجل أن نتخلص من هذه الحدود التي رسمها المستعمرون، لم يرسم منا حدا بينه وبين أخيه وصنعت الحدود فوضعنا الجيوش ورفعنا الرايات وأنجزنا الأناشيد الوطنية القطرية ودافعنا عن الحدود التي صنعها المستعمر بجدارة متناهية.
* لمن توجه لومك الشديد؟
- اللوم أوجهه للحكام العرب بكل تأكيد فهم يحملون جزء كبيرا من المسؤولية لأن صيغة الوحدة العربية لو امتلكوا الإرادة لكانت صيغة تشبه الوحدة العربية ، فأنا لا أمانع أن يكون اتحاد عربي على طريقة الاتحاد الأوروبي، هذا الاتحاد الذي ولد بين دول أقيمت بينها حروب أهلية طاحنة واشتركت ضد بعضها البعض في حربين عالميتين أودتا بحياة الملايين من البشر ومع ذلك تدخل أوروبا الآن من أول عاصمة إلى آخرها ولا تسئل أنت الأجنبي عن جواز سفرك ولا عن كيف دخلت ولا كيف ستخرج من هذا الاتحاد، العملة واحدة بعشرات اللغات وعشرات العقائد والأطياف الدينية والعرقية، فأنا حقيقة أريد أن أرى العالم العربي كذلك، ليبقى كل على كرسيه، لكن فقط أن يمتلك إرادة الوحدة لهذه الأمة ومشكلة هذه الأنظمة وضعف هذه الأمة التي لا تمتلك الاتجاه الوحدوي أنها لا تمتلك الإرادة السياسية والإرادة السياسية مرتبطة بمن يرسم السياسات في الوطن العربي، والأنظمة القليلة على قلتها منها القيادة الحكيمة في ليبيا والتي ترى في الوحدة قدر لهذه الأمة كما نرى نحن معشر المثقفين هى قيادات محاصرة وقيادات يجرى التآمر عليها بالمشاركة مع المستعمر الأجنبي ومن لا يريد لهذه الأمة أن تتحد وأن تحقق مستقبلها ومستقبل أجيالها على الوجه الذي نتمناه.
* كلمة أخيرة:
- الكلام ليس له آخر لكن لابد من إنهاء هذا الحوار والكلمة الأخيرة هي أن أعود إلى الحلم العربي الذي ينكسر على عتبات الجلادين والمستعمرين وهذا ليس جزء من نظرية المؤامرة كما يقول المثقفون ، فنحن المثقفون نزعم بأن هناك عدوا لنا، الممارسات التي تجرى على مساحات الوطن العربي برمته وبالمقابل أيضا العدوان الصارخ الذي يجري على أمتنا العربية بالتعاون مع الأدوات الكثيرة من الداخل هو الذي يحول دون هذا الحلم وأنادي الجماهير العربية بأن تطالب وأن تسعى بكل الأدوات الممكنة من اجل تحقيق هذا الحلم العظيم ونتمنا من الله سبحانه وتعالى أن يسدد خطى من يقود هذه الأمة باتجاه وحدتها وعودتها كما ذكرت إلى سابق عهدها حاملة رسالة القيم والعدل والمساواة والحرية التي تقول متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا هذه هى الأمة وهذه هى قيمنا الإنسانية المتسامحة مع الآخر الذي لا يريد لنا أن نعيش بكرامتنا على أوطان حرة ونبني مستقبلا لأجيالنا القادمة.
المصدر: عبد الرحمن سلامة-العرب اونلاين